الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
فان العقيدة هي أساس الدين وهي أول ما يجب على المكلفين الاهتمام به وإصلاحه وصيانته من كل ما يضاده ويناقضه أو يشوبه ويكدره .
والعقيدة هي القاعدة التي تبنى عليها جميع أمور الدين وهي أول دعوة الرسل جميعا لأقوامهم وهي اعظم مقامات السالكين إلى ربهم وخالقهم وهل أول واجب في الإسلام بل أول ما يدخل به المرء في دين الإسلام ، ثم هي اعظم ما يـجب التزامه وصيانته حال الحياة ليخرج المرء من هذه الدار على عقيدة سليمة وإيمان صحيح وتوحيد خالص من كل شرك وشائبه تشوه صفاءه وضياءه .
من هنا دأب الصالحون من سلف هذه الأمة على العناية بالعقيدة. يقول أبو عبد الرحمن السلمي : ( حدثنا من كانوا يقرؤوننا القرآن انهم لم يكونوا يتجاوزوا عشر آيات من القرآن حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ) أي العقيدة اولا ثم الاعمال والاحكام .
وصبح ابن عمر انه قال : ( تعلمنا الايمان ثم تعلمنا القرآن ) ويقول جندب بن عبد الله البجلي : ( تعلمنا الايمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا ايمانا . ولقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان يربي الناس عىل ذلك ويصحح عقائدهم في مكة المكرمة حتى نشا الصحابة على هذه التربية العظيمة ، تصحيح العقائد اولا ثم يتبعه سائر مقاصد الدين والشريعة والاعمال لان الحياة الاسلامية لا تستقيم الا بعد تصحيح العقيدة كما الاسلام لا يعتقد به ولا يصح الا بعد تحقيق العقيدة والايمان ورسوخ مبادئه في جذور القلوب والباطن .
وان مما لا يخفى على العاقل المتتبع لاحوال الامة الاسلامية قديما وحديثا ان معظم الشرور والنكبات والبلايا التي فتكت بهذه الامة وحلت بها انما كانت بسبب الانحرافات العقائدية وفساد التصورات في مسائل الايمان والتوحيد ، اعني بسبب النزاعات والخلافات التي وقعت في مسائل الاعتقاد في الدين الاسلامي ، اذ الخلاف في مسائل الفروع والاحكام الفقهية في مسائل الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج وغيره لا سيما حين يكون الخلاف في هذه بين العلماء والفقهاء المتفقين على الاصول العامة في دين الله تعالى .
وام النزاع الذي يقع في اصول العقائد وقضايا الايمان والتوحيد فانه ينذر بالبلايا والمحن والشتات والفرقة في حياة الامة ، وهل كان تفرق الامة وتعدد نحلها ، وتكفير بعضهم بعضا ، واعمال سيف الاسلام بين اهله، وقتل بعضهم بعضا ، ومن ثم الانشغال بانفسمخ عن الكفار والفتوحات ، بل وطمع الاعداء بهم الا بسبب انحرافاتهم وضلالاتهم وتفرقهم في اهم مسائل الاعتقاد ؟ ، الامر الذي جر عىل الامة قديما _ بل ومازالت _ النكبات والويلات التي فتكت وما زالت تفتك جسد الامة وتنخر في قوتها وعزتها وسؤددها ، كل ذلك والله ماكان الا لما دب الخلل في المسائل الاعتقاد وعدم التصدي لتصحيحها ، أي بسبب بعدهم عن منهج القرآن والسنة ، وما كان عليه سيف الامة ، اعني الصحابة الكرام ومن تبعهم باحسان واتقان . ذلك المنهج المعصوم بتوفيق الله ، والذي تكفل الله له ولاهله بالاصابة في الدين ، والنجاة في الدنيا والآخرة ، والذي امرنا سبحانه باتباعه وحذرنا من مخالفته ، والذي امرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم بالتمسك به والعض عليه بالنواجذ مع الوعد بالعصمة والبراءة والتفرق والانحراف والضلال .
اننا في كل عصر وخاصة في عصرنا هذا احوج ما نكون الى تقوية اواصر الصحابة والافة التي يقوم عليها كيان الامة المسلمة المؤمنة بعد ذلك ، وهذا الامر لن يكون الا بتصحيح العقيدة وتنقيتها من كل ما علق بها من شوائب الكلام والفلسفة ، فانه لن يصلح ام الامة في أي زمان الا بما صلخ بها اولها ، ولن تكون الاخوة الايمانية التي يتغنى بها الدعاة ، ولن يقوم للامة امر وعزة وقيادة وزعامة الا بعد تصحيح العقيدة .
ان العقيدة الاسلامة السلفية الصافية الواضحة المعالم والركائز في القلوب والاذهان هي العاصم الوحيد والضمان الاكيد ضد الفرقة والافتراق والتشتت والضياع ، وهي الدعامة الاولى لتاصيل روح الاخوة الايمانية بين ابنائها واتباعها وما يتبعها من بث روح المحبة والالفة والتعاون و التناصح ، ولن تقوم امة ولا دولة قوية الكيان والاركان الا على هذه المعاني والاصول لتتحدى بتلك العقيدة والاخوة جميع التحديات المعاصرة .
نعم لن تعود الامة الى عزها وقوتها وقوامها الا بتصحيح عقيدتها ، ووضح اصولها وسلامة مصادر فيه لذلك نقول :
العقيدة أولا ثم اولا ثم اولا
والله اسال التوفيق والسداد في العقائد والاعمال وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين .