معظمنا يشعر بالدفء والأمان عندما تعبق رائحة السجاد المميز في البيت ، لكن قلة منا يدركون أن هذه الرائحة مصدرها المواد الكيميائية التي تسهم في صناعة السجاد وتتسبب بمخاطر صحية عديدة . أبعد من ذلك ، يشكل السجاد مرتعاً للغبار ، ما يؤدي إلى نمو العث الذي يحفز الإصابة بالحساسية وداء الربو . وتجدر الإشارة إلى أن التنظيف التقليدي للسجاد وإن كان بمكنسة كهربائية لا يكفي للقضاء على العث ، لا سيما أن كل متر مربع من السجاد قد يشتمل على 100 ألف حشرة عث ترتع سعيدة في سجاداتنا .
فالسجاد قد يحتوي على مواد كيميائية تخلفها عملية التصنيع أو المعالجة التي يمر بها قبل أن يصل إلى البيت ويشكل بالتالي بؤرة للملوثات والسموم وغيرها من المواد التي تثير لدى الأطفال تحديداً ردات فعل تحسسية .
السجاد والملوثات :
تعالج ألياف السجاد بمواد كيميائية مختلفة بهدف تعزيز مقاومتها للبقع والجراثيم . لكن هذه المواد تؤثر على البيئة كما تؤثر على صحة العمال الذين يصنعون السجاد ، حتى إنها قد تكون سبباً لتفاقم داء الربو وغيره من الأمراض التنفسية . فالمواد الكيميائية في السجاد تطلق غازات سامة في الهواء كما يقوم السجاد مقام أسفنجة تمتص ذرات الغبار والملوثات والعث والعفن ، وأيضاً الدخان المنبعث من بعض المواد كالدهانات ومواد التنظيف والروئح الصناعية ، ما يكون مزيجاً ساماً نتعرض له بصورة يومية في المنازل والمكاتب والأماكن العامة .
أضف إلى ذلك أن الأحذية تنقل ذرات الغبار والملوثات الخارجية إلى السجاد الذي يعود في مرحلة لاحقة ويطلقها في الهواء .
في المقابل فإن تنظيف السجاد بالبخار أو المكانس الكهربائية ليس الحل الأمثل ولا يقضي على هذه الملوثات لأن معظم الغبار الذي يتجمع في المكنسة الكهربائية يعود ليخرج من جزئها الخلفي ليستقر ثانية في الأرضية .
ويطرح السجاد المبلل نتيجة تنظيفه بالآلة الكهربائية أو باليد مشكلة أخرى لأنه إذا لم يجف فسيشكل مستقراً للعفن والفطريات التي تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض التنفسية وخاصة الربو .
العث : ماهي حقيقة هذه الحشرات غير المرئية ؟ .
العث حشرة منتهية الصغر تنمو في الأماكن الدافئة والرطبة والمغبرة كالسجاد والفرش والوسائد . وقد يزحف إلى مواضع عديدة في البيئة المنزلية ولكن نجد أكبر تجمع له في السجاد والأسرة .
والواقع أن هذه الحشرات قد تكيفت على العيش معنا ، وهي لا تعض أو تأكل لحوم البشر ولكن برازها يشتمل على أنزيم يسبب الحساسية للعديد من الأشخاص ولا سيما المصابين بداء الربو .
وقد لايحب البعض أن يعرف أن هذه الحشرات تتغذى من جلدنا المتقشر ومن الفطريات التي تنمو على هذا الجلد . وهي تعيش ثلاثة شهور تضع خلالها أنثى العث ما يزيد عن 300 بيضة . ولا يمكن لأي مكنسة كهربائية أو وسيلة تنظيف أن تقضي على هذه الحشرات التي تملك في أرجلها ممصات تجعلها تتشبث بألياف السجاد كلما تهددتها مكنسة كهربائية .
المواد اللاصقة والمثبتة :
يحتاج بعض أنواع السجاد إلى مواد لاصقة لتثبيته فوق الأرضية ، وهي مواد كيميائية تحتوي على مركبات عضوية طيارة تتسبب بالعديد من المشاكل الصحية .
الأطفال والسجاد علاقة دقيقة وخطرة : يعاني الأطفال من مخاطر صحية عديدة مصدرها المواد الكيميائية ومحفزات الحساسية في السجاد ، لا سيما أنهم يمضون أوقاتاً طويلة جالسين على الأرضيات أو السجاد حيث تتجمع الملوثات . ولا بد من الإشارة إلى أن الأطفال أكثر عرضة للتأثر بالملوثات من الراشدين لأن أجهزتهم الجسدية غير مكتملة النمو ومجاري الهواء لديهم ضيقة ، ما يعني أن حجم ملوثات الهواء التي تدخل في هذه المجاري أكثر تركيزاً مما هي عليه لدى الراشدين .
في ثمانينيات القرن المنصرم ، شهدت السويد ازدياداً هائلاً في معدل الإصابة بالحساسية وخاصة لدى الأطفال . وعلى الرغم من أن أحداً لم يعرف السبب الحقيقي لازدياد ردات الفعل التحسسية ، فإن المراجع المعنية شكت في إمكانية أن تكون الرطوبة والسجاد والعفن الفطري والنقص في التهوئة ودخان السجائر ومواد البناء السامة عوامل ساهمت في تحفيز أعراض الحساسية . وفي العام 1989م أصدرت السلطات السويدية إثر إجراء العديد من الأبحاث والتشاور مع الكثير من الهيئات العامة والبيئة المعنية بالصحة ، توصياتها لجهة منع استعمال السجاد في الأماكن العامة والرسمية ، بما في ذلك المدارس ودور الحضانة والمكاتب .