أى عمل إعلامى أو فنى يتعرض أو يسرد أحداثا تاريخية، لابد أن يلتزم الحياد والموضوعية، وذلك من أجل إظهار الحقائق دون الركون لتحقيق هدف شخصى أو حزبى، وذلك من باب الأمانة وتأدية الرسالة التى تعد من أهم خصوصيات الأعمال الإعلامية والفنية.
وعلى خلاف ذلك خرج علينا الكاتب وحيد حامد بمسلسل "الجماعة" الذى جافى الحقائق وكذب الواقع وخرج عن إطار الأمانة المهنية، فمنذ اللحظات الأولى من مشاهدتك للمسلسل تجد نفسك أمام عمل يؤكد لك أن الإخوان جماعة متطرفة تدعو للعنف والانقلاب على المؤسسية للدولة، وقد امتلأ المسلسل بالمشاهد التى قلبت الحقائق والتناول المغرض، فقد تبنى الكاتب تصورات رجال أمن الدولة القابعين فى لاظوغلى، ونقل عنهم نقلا أمينا، بل وجدناه فى مشاهد احتكاك الطلاب بالأمن كان أمنيا أكثر من وزارة الداخلية.
بل وجدنا الرجل يتعرض فى مسلسله لحادث طلاب الجماعة بالأزهر، والعرض الفنى الذى سمى فى الإعلام الرسمى بالعرض العسكرى، وهنا أدلى بشهادتى كصحفى متابع لملف التعليم والجامعات والحركات الطلابية على مدار 10 أعوام لعلها تجعل الرجل يستشعر بعقدة الذنب.
فالعرض الذى حدث فى جامعة الأزهر عام 2006 تم على مدار 6 أعوام قبل هذه الضجة الإعلامية، فهى عبارة عن "إسكتشات" يقوم بها الطلاب سنويا لتوضيح ما يقوم به رجال المقاومة الفلسطينية، ورجال الأمن كانوا يعلمون ذلك جيدا، ولكن كان مطلوبا أن تلفق قضية للجماعة يتم بها تحويل قيادات الجماعة إلى محاكمة عسكرية وقد كان، وذلك لمعاقبة الإخوان على فوزهم بثلث مقاعد البرلمان فى 2005، ومازال الشاطر ورفاقه محبوسين على ذمة هذه القضية حتى الآن.
المسلسل أظهر فى حلقاته الأولى وداعة رجال الأمن فى التعامل مع شباب الإخوان على عكس الواقع، حيث قام رجال الأمن باستخدام أبشع الوسائل للنيل من طلاب الجماعة فى هذا الوقت، وقد ذكرت معظم الصحف المعالجة للقضية ذلك الأمر، كما أظهرت الحلقات وجود أسلحة بيضاء بحوزة الطلاب فى المدن الجامعية، وذلك بخلاف الواقع فلم تثبت التحقيقات الرسمية وجود أى أسلحة مع طلاب الجماعة، ولا أدرى من أين أتى الكاتب الرائع بهذه الأوهام!!
بل وجدنا المسلسل يظهر طلاب الإخوان فى أحداث جامعة عين شمس على أنهم دعاة عنف وقاموا بالاشتباك مع الأمن، ولا أدرى كيف لكاتب كوحيد حامد لم يتابع ما نشر حول هذا الأمر بالصحف، فقد أكدت كل الصحف المستقلة والمعارضة تعرض طلاب الإخوان للاعتداءات الصارخة التى وصلت إلى إصابة أحدهم بكسر فى الجمجمة وآخر أصيب بطعنة من بلطجية سمح لهم أمن الجامعة بالدخول للحرم الجامعى من أجل تلقين طلاب الإخوان درسا فى العضلات والفتونة، فهل كاتبنا فقد نظارته فى هذا الوقت فلم يستطع أن يقرأ ما نشر بالصحف حول هذا الأمر أم أنه استعار النظارة الأمنية التى أخفت عليه الحقائق.
لن أطيل فى تفنيد مشاهد المسلسل الأولى، لكن وضح للجميع أن وحيد حامد أراد أن يخدم النظام، واختار الأمن التوقيت الصحيح لإذاعة هذا المسلسل وذلك قبل الانتخابات البرلمانية القادمة، من أجل النجاح فى تشويه صورة الإخوان والنيل من المنافس الأقوى فى الشارع السياسي للنظام.